سوريا، ساحة مفتوحة للإرهاب ودور تركيا في هندسة الأمن الإقليمي
تشير التطورات الجارية في سوريا إلى مسار مقلق للغاية قد تكون له تداعيات خطيرة على الاستقرار الإقليمي والنظام الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط. ووفقًا لمعلومات عملياتية حديثة، فإن الحكومة الجديدة في سوريا لا تسعى فقط إلى إعادة هيكلة النظام السياسي والعسكري، بل تتخذ خطوة خطيرة عبر "تعيين عناصر متطرفة وإرهابية من جنسيات أجنبية في مناصب عسكرية رفيعة"، ما يجعل من سوريا فعليًا ساحة تجمع للجماعات المتطرفة من شتى أنحاء العالم.
دمج الإرهابيين في الهيكل الرسمي
الخطير في هذه التحركات هو "دمج الإرهابيين في الجيش السوري الرسمي"، حيث تم تعيين شخصيات مثل "سيف الدين تاجي بواف" الطاجيكي، و"عبد العزيز داوود خدابردي" الإيغوري، و"عبد الحاشر" الألباني ضمن المناصب القيادية في الجيش. هؤلاء الأفراد ينتمون إلى جماعات متطرفة مثل "جماعة التوحيد والجهاد"، و"الحزب الإسلامي التركستاني"، و"داعش"، وحصلوا على رتب عسكرية رسمية داخل الجيش السوري، في خطوة تُعد شرعنة واضحة للإرهاب تحت غطاء الدولة.
الدور التركي: هندسة جيوسياسية مقصودة
تؤدي "تركيا دورًا مزدوجًا ومعقدًا" في هذا المشهد. فمن جهة، تدعم تركيا ما يسمى بـ"الجيش الوطني السوري"، الذي يضم بين 70 و90 ألف مقاتل، وقد دخل هذا الكيان في تفاهمات مع جماعات متطرفة مثل "هيئة تحرير الشام" حول تقاسم السلطة. وعلى الرغم من الحديث عن دمج هذه القوى ضمن الجيش السوري، إلا أن "الجيش الوطني" لا يزال يعمل كوحدة مستقلة خاضعة للنفوذ التركي الكامل عبر الدعم المالي والعسكري وتعيين قادة موالين لأنقرة.
ومن جهة أخرى، تسعى تركيا من خلال احتلال مناطق مثل "منبج وتل رفعت" إلى تنفيذ خطة "إعادة توطين ملايين اللاجئين السوريين"، في محاولة لتغيير البنية السكانية في شمال سوريا. وفي منظور استراتيجي أوسع، تسعى أنقرة إلى "خلق توازن مع إسرائيل" عبر توسيع نفوذها العسكري والإيديولوجي، وإحياء فكرة "الإمبراطورية العثمانية الجديدة" في مقابل مشروع "إسرائيل الكبرى".
نفوذ تركي داخل مؤسسات الدولة السورية
تفيد المعلومات المتوفرة بأن النفوذ التركي لا يقتصر على الشأن العسكري، بل "يتغلغل داخل مؤسسات الدولة السورية"، لا سيما وزارة الخارجية. حيث يتمركز أربعة مسؤولين أتراك في الوزارة ويديرون فعليًا قرارات السياسة الخارجية السورية، كما يتم "نقل وترجمة كافة المراسلات والأرشيفات الرسمية إلى تركيا"، في مؤشر واضح على هيمنة تركية غير معلنة على القرار السيادي السوري.
مستقبل غامض وخطير
هذه التطورات تحمل معها عدة مخاطر:
1. شرعنة الإرهاب ضمن هياكل الدولة الرسمية، ما يشكل سابقة خطيرة في الإقليم.
2. تصاعد نفوذ تركيا كقوة إقليمية طموحة قد يؤدي إلى صدام مباشر أو غير مباشر مع قوى إقليمية أخرى مثل إيران، روسيا وإسرائيل.
3. استمرار عدم الاستقرار داخل سوريا، مع وجود جماعات مسلحة أجنبية مهيكلة، قد يهدد أمن الدول المجاورة بل وأوروبا أيضًا.
أضف تعليق